الثلاثاء، 3 أبريل 2012

أضرار التفحيط

أيها الأحبة .. للتفحيط آثارٌ وأضرارٌ خطيرة على الشاب والأسرة والمجتمع ، أول هذه الأضرار :
قتل النفس .. الموت وكفى به ضرراً .فالمفحط وهو يقوم بهذه اللعبة .. يغامر بروحِه التي يحيا بها ..وحواسِّه التي يشعر بها ..وأطرافِه التي يتحرك بها .
لعبة الموت .. كم أزهقت من روح .. وكم فجرت من جروح ..إنها مسرحية الانتحار .. فكيف يرضى العاقل أن يقتل نفسه .. أو يَشُلَّ جسده .
ومن المؤسف أن أول من يتبرأ من المفحط عند وقوع الحادث رفقاؤه الذين يركبون معه ، أو يشجعونه .. فيتركونه يصارع الموت ويهربون .. وقد يعود أحدهم لأخذ جواله ولا يفكر في مساعدة رفيقه المصاب .
في أحد شوارع الرياض .. يقوم أحد المفحطين المشهورين بالتفحيط .. وبعد لحظات تصطدم سيارته بأحد الوايتات .. وفي حادث مؤلم تدخل السيارة تحت الوايت فيموت الشاب في الحال ، وينقل الشباب الذين معه إلى العناية المركزة .
وهذا أبو حبل ، أحد المفحطين ، يحدثنا بعد إيقافه ، يقول : كنت أركب مع أحد المفحطين .. فحلف علي أحد أصدقائي المقربين أن أنزل ويركب هو مع المفحط .. فقلت : والله ما أنزل .. فحلف علي ثانية حتى نزلت .. ثم ركب مع المفحط .. وبعد شوط واحد وقع عليه الحادث فمات .. فتأثرت كثيراً لفقد هذا الصديق .. وكرهت التفحيط من تلك اللحظة .
وفي مستشفى النقاهة .. وقفت على شابين من ضحايا التفحيط ، مصابين بالشلل النصفي .. أدخل الغرفة .. فإذا بالمنظر المؤلم .. على السرير الأيمن ، شاب .. عمره يوم أن دخل المستشفى عشرون عاماً .. ثم أمضى بعد الحادث أحد عشر عاماً على السرير .. قد انثنت أطرافه .. وانحرفت رقبته .. وشلت حركته .. فلم يبق له من الحركة سوى نظرةٍ بالعين .. والتفاتةٍ يسيرة بالعنق .. نظر إلي .. فتغيرت ملامح وجهه .. كأنه يريد أن يعبر لي عن شعوره .. لكنه لا يستطيع الكلام .. حاولت أن أتكلم معه .. فعجزت أن أخرج كلمة واحدة .. لم أجد إلا أن أرفع أصبعي إلى السماء .. لعلي أذكره رحمة رب العالمين .. الذي لا يضيع أجر الصابرين .
ثم التفت إلى السرير الآخر .. وإذا بالمصيبة الأخرى .. شاب دخل المستشفى وعمره أربعة وعشرون عاماً .. أمضى في المستشفى بعد الحادث ثماني سنوات .. كان بجوار هذا الشاب أحد الممرضين ، معه وعاء فيه طعام سائل .. كيف يأكل هذا الشاب ؟ رأيت الممرض وهو يقوم برفع السائل بالملعقة .. فإذا وصلت إلى فم الشاب المسكين حرك شفتيه ليشرب .. ثم ينتظر الملعقة الأخرى .
هكذا يعيشون .. بعد أن فقدوا حياتهم .. إنهم أموات في صور أحياء .. أسأل الله أن يلهمهم الصبر .. ويعظم لهم الأجر .
هذه أحوالهم .. فإن لم تتعظ وترتدع .. فزرهم .. فليس من رأى كمن سمع .
التعدي على الآخرين .. بإتلاف أرواحهم .. وتحطيم أبدانهم .. وترويعهم في طرقاتهم .كم من رجال ونساء .. وأطفال أبرياء .. تحولوا إلى أشلاء بسبب تهور المفحطين .
كل من يركب مع المفحط ، أو يتـفرج عليه ، أو يسير في الشارع بأمان عرضة لهذا الخطر العظيم .
رأينا شاباً ركب مع أحد المفحطين في أحد شوارع الرياض .. وبدأ التفحيط .. وبسبب السرعة الرهيبة اختل توازن السيارة .. فصارت تزحف على جنبها مسافة طويلة .. ثم اتجهت إلى الرصيف .. صعدت الرصيف .. ثم ارتطمت بقوة بالعمود .. وكانت الضربة من جهة الراكب ففارق الحياة .. أما السائق فنزل ولاذ بالفرار مع رفاقه .
التقيت بأحد المفحطين الموقوفين في مرور الرياض .. سألته عن هذه الحادثة .. فذكر لي أنه كان موجوداً في الشارع وقت وقوع الحادث .
يقول : عندما وقع الحادث .. اتجهنا إلى السيارة .. وإذا بالحديد قد التف على الراكب .. وهو يصرخ ويستنجد بالناس .. أغيثوني .. أخرجوني . لكننا لم نستطع إخراجه إلا بصعوبة بسبب قوة الصدمة .. ثم بقي هذا الشاب شيئاً من الوقت ثم مات .. وكان قد رزق ببنت وحيدة قبل أسبوع من الحادث .
وفي حادث آخر .. في أحد أحياء شرق الرياض.. يخرج عليٌّ بعد الامتحان .. من مدرسته المتوسطة .. وبينما هو واقف قرب أحد المساجد .. أقبل أحد المفحطين ففقد السيطرة على السيارة .. فانحرفت باتجاه الفتى المسكين .. حاول الهرب .. لكن السيارة المسرعة لم تدع له خياراً .. وسرعان ما ارتطمت به وسحقته على الجدار .. فتطايرت كتبه في الهواء .. وتفجرت من أشلائه الدماء .. وفي المستشفى .. تبتر ساقه بسبب الصدمة .. ثم يموت متأثراً بإصابات قاتلة في رأسه .
وفي شارع أبي موسى الأشعري بحي الروضة .. يمر ثلاثة أطفال .. إخوة .. وبينما كان أحد الشباب يفحط بسيارة لانسر .. اصطدم بسيارة أخرى فانحرفت باتجاه الرصيف لتسحق الأطفال الثلاثة .. فيتوفى أحدهم في الحال .. وينقل الآخران إلى المستشفى وهم بحالة خطرة .
أيها الأحبة .. أعرف امرأة عمرها الآن ستة وعشرون عاماً .. لا تشعر بمن حولها .. لم يبق لها من الحياة إلا النفس والأكل عبر أنبوبٍ في أنفها ، وفتحةٍ في حلقها .. هي على هذه الحالة منذ ثلاثة عشر عاماً .. ما السبب ؟
كانت هذه المرأة طفلة عمرها ثلاثة عشر عاماً .. خرجت من المدرسة ومعها زميلاتها الثلاث .. يقبل أحد الشباب المفحطين .. فتنحرف سيارته إلى الرصيف .. لتسحق الأزهار الأربع .. فتموت واحدة منهن في الحال .. وتصاب اثنتان بكسور .. وتبقى الرابعة التي أحدثكم عنها ثلاثة عشر عاماً على سريرها .. وبين أهلها .. لكنها في عداد الأموات .
وقبل سنوات .. وفي إحدى ساحات التفحيط في جنوب الرياض .. وقفت بنفسي على دماء أحد الأطفال .. خرج هذا الطفل البريء من بيت أهله .. وهو يلبس حذاءً له عجلات .. ولما كان في منتصف الشارع أقبل أحد المفحطين وهو يسير بسرعة رهيبة .. اصطدم بالطفل فطار في السماء عدة أمتار .. ثم سقـط على الأرض .. ونزف الـدم حتى مات .
بل قد يتعدى المفحط على أحد أحبابه أو أقاربه وهو لا يدري .. كما وقع لأحد المفحطين حينما اصطدمت سيارته بإحدى السيارات .. فلما نزل اكتشف أنه اصطدم بأحد أخواله .
ويحدثنا مفحط عمره واحد وعشرون عاماً موقوف بالمرور ، يقول : كنت أفحط .. وأفحط .. حتى وقع الحادث .. نزلت من السيارة .. وإذا بالمصـدوم والدي .. يقول : والحمد لله أنه لم يتأثر بالصدمة .
وهذا شاب عمره تسعة عشر عاماً موقوف في مرور الرياض يقول : بينما كنت أقوم بالتفحيط قبل سنة .. اصطدمتُ بإحدى المواصير .. وانقلبت السيارة .. فتوفي أخي وأحدُ أبناء عمي .
وحتى المتفرجون في سياراتهم .. فإنهم كذلك لم يسلموا من الخطر .. فهذا شاب يتفرج على التفحيط وهو في سيارته فتنحرف سيارة المفحط وتصطدم بسيارته .. لتزحف ما يقارب الثلاثين متراً .. ولم يوقفها إلا كومة من الرمال .. وينقل الشاب بعد الحادث إلى العناية المركزة .
الخسائر المادية في الممتلكات العامة والخاصة بسبب الحوادث الناتجة عن التفحيط .أيها الإخوة .. هناك أموال طائلة .. وثروات مهدرة .. تنفق سنوياً بسبب تهور المفحطين .
حوادث التفحيط شنيعة .. وآثارها مضاعفة .
ففي أحد الحوادث تصطدم سيارة المفحط بسيارة أخرى ، فترتطم هذه السيارة بثلاث سيارات أخرى تقف على جانب الطريق .. حتى إن السيارات تزحزحت عن مكانها بسبب قوة الصدمة .. وكانت النتيجة تلفياتٍ كبيرةً بالسيارات الخمس .
أن التفحيط مفتاح لجرائم متعددة .. من سرقات .. وأخلاقيات .. ومسكرات ومخدرات .ما إن يدخل الشاب عالم التفحيط .. إلا ويتعرف على مجموعة من المنحرفين الذين يفتـحون له أبـواب الشرور .
يقول أحد المفحطين : كان الشباب يدعونني إلى أشياء كثيرة .. يقولون كيف تفحط ولا تدخن معنا .. كيف تفحط ولا تسكر .. كيف ولا تفعل كذا وكذا .. فكنت أجاملهم ، وأضـع السيجارة في يـدي وأنا في الواقع لا أدخن .
ويقوم بعض مروجي المخدرات بالتعرف على المفحطين .. ويعرضون عليهم الأموال في مقابل إيصال المخدرات .
كما إن كثيراً من المفحطين يقومون بالتفحـيط بسرعات عالية وهـم تحت تأثير المخدرات أو المسكرات .
فهذا شاب عمره سبعة عشر عاماً موقوف بدار الملاحظة يقول : كنت في الغالب لا أفحط إلا وأنا محشش .
أما السرقات .. فإن كثيراً من حوادث السرقة وسرقة السيارات إنما يعود سببها إلى التفحيط .
هذا شاب عمره سبعة عشر عاماً موقوف في دار الملاحظة يقول : قمت أنا وبعض رفاقي بسرقة سيارة لكي نقوم بالتفحيط عليها .. وفي إحدى المرات .. قمت بالتفحيط بسرعة مائتي كيلو متر.. فانحرفت السيارة إلى الجمهور وانقلبت على طفل عمره أربعة عشر عاماً فمات في الحال .. هربت إلى المنزل .. لكني اكتشفت من أحد الجماهير فتم القبض علي .
وهذا شاب آخر عمره سبعة عشر عاماً .. موقوف في دار الأحداث في قضية سرقة .. يقول : سبب قيامي بالسرقة هواية التفحيط .. حيث أنني رأيت تجمعات الشباب بعد مباريات دورة الخليج .. ولم يكن عندي سيارة .. فقمت أنا وأصدقائي بسرقة سيارة .. والتفحيط بها .
ويقول أحد المفحطين :كنا نسرق كل شيء .. نسرق السيارات ولوحات السيارات والإطارات وأشياءَ أخرى بسبب التفحيط .
ومن الجرائم ما يقوم به بعض المفحطين من استئجار سيارة .. أو يستأجرها له غيره ، ثم يفصلُ العداد .. ويستخدمُها استخداماً سيئاً .. غيرَ مبالٍ بحقوق الناس .
5 ـ معاناة أسرة المفحط :فقد تسبب كثير من المفحطين في معاناة آبائهم وأمهاتهم وأفراد أسرتهم .. إما بسبب كونه مطلوباً للجهات الأمنية .. أو بسبب مراقبة المنزل .. أو بسبب الحوادث المترتبة على قيامه بالتفحيط .. أو بسبب السمعة السيئة التي تلحق الأسرة بفعله .
فهذا أحد المفحطين يقول : أمي مصابة بمرض السكري وارتفاع الضغط .. وكنت أسبب لها الكثير من المشاكل بسبب التفحيط .. وأذكر أنه عندما قبض علي وزارتني .. أغمي عليها لما رأتني في الزنزانة .
وآخر يقول : كانت أمي تبكي خوفاً علي .. والله إنها إذا سمعت صوت الإسعاف بكت وظنت أن الشرطة قادمة للقبض علي .
وإذا عدت متأخراً في آخر الليل وجدتها تنتظرني ، لم تذق طعماً للنوم خوفاً علي .
وبعد إحدى المحاضرات حدثني أحد الإخوة أن إحدى عماته ابتليت بابن متهور .. فسعت في تزويجه حتى يصلح حاله .. تزوج الشاب وأنجبت زوجته بنتاً وحيدة ، ثم طلقها بسبب كثرة المشاكل .
عاد هذا الشاب إلى رفاقه السيئين ، وبينما كان يفحط في أحد الشوارع قام بدهس أحد الأشخاص ، فمات بسبب الضربة . فُجعت الأم المسكينة بالحادث ، وأُودع ولدُها السجن ، ثم سمعت أن أهل المجني عليه سيطالبون بالقصاص من ولدها ، ظنت أن ولدها قاتل عمد يستحق القصاص ، فتوجهت إلى والد القتيل ، وتعلقت به ، وقبلت رأسه ، فرقّ لها ووعدها بالعفو .
وبعد أيام ، اجتمع أهل المجني عليه ورفضوا أن يعفو الوالد عن الشاب .
نزل الخبر على الأم المسكينة كالصاعقة .. وأقبل الليل ، فلم تر عمتي كهذه الليلة الظلماء ، حزن وبكاء .. هم ودعاء .. حتى تفطر قلبها .
وفي الصباح افتقد أهل البيت صوت أمِّهم .. دخلوا عليها الغرفة ، فإذا المشهد المؤلم .
لقد ماتت الأم .. ماتت بعد هم وحزن على ولدها .
6 ـ ما يعيشه المفحط من قلق واضطراب :فما إن يشكُ في سيارة إلا ويظنها من سيارات الأجهزة الأمنية .. وما إن يقابلُ إنساناً إلا ويحسبه متعاوناً مع رجال الأمن .. قلق خائف .. لا يستقر حاله .. ولا يستطيع أن يجلس في مكان عام .
7 ـ تعطيل الحركة المرورية .. ووجود الازدحام .. واختناق السير في شوارعنا .
8 ـ ما يسببه التفحيط من تجمعات الشباب التي تكون سبباً في الفوضى ، والتعدي على الناس والممتلكات ، وانتهاك الأنظمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق